فصل: مِنْ شَأْنِهِ سُبْحَانَهُ تَقْدِيمُ مُقَدّمَاتٍ بَيْنَ يَدَيْ الْأُمُورِ الْعَظِيمَةِ تَكُونُ كَالْمَدْخَلِ إلَيْهَا الْمُنَبّهَةِ لَهَا كَقِصّةِ الْمَسِيحِ وَنَسْخِ الْقِبْلَةِ وَغَيْرِهِمَا:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: زاد المعاد في هدي خير العباد (نسخة منقحة)



.فصل إنْشَادُ حَسّانَ فِي عُمْرَةِ الْحُدَيْبِيَةِ:

وَكَانَ حَسّانُ بْنُ ثَابِتٍ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ قَدْ قَالَ فِي عُمْرَةِ الْحُدَيْبِيَةِ:
عَفَتْ ذَاتُ الْأَصَابِعِ فَالْجِوَاءُ ** إلَى عَذْرَاءَ مَنْزِلُهَا خَلَاءُ

دِيَارٌ مِنْ بَنِي الْحَسْحَاسِ قَفْرٌ ** تُعَفّيهَا الرّوَامِسُ وَالسّمَاءُ

وَكَانَتْ لَا يَزَالُ بِهَا أَنِيسٌ ** خِلَالَ مُرُوجِهَا نَعَمٌ وَشَاءُ

فَدَعْ هَذَا وَلَكِنْ مَنْ لِطَيْفٍ ** يُؤَرّقُنِي إذَا ذَهَبَ الْعِشَاءُ

لَشَعْثَاءَ الّتِي قَدْ تَيّمَتْهُ ** فَلَيْسَ لِقَلْبِهِ مِنْهَا شِفَاءُ

كَأَنّ خَبِيئَةً مِنْ بَيْتِ رَأْسٍ ** يَكُونُ مِزَاجَهَا عَسَلٌ وَمَاءُ

إذَا مَا الْأَشْرِبَاتُ ذُكِرْنَ يَوْمًا ** فَهُنّ لِطَيّبِ الرّاحِ الْفِدَاءُ

نُوَلّيهَا الْمَلَامَةَ إنْ أَلَمْنَا ** إذَا مَا كَانَ مَغْثٌ أَوْ لِحَاءُ

وَنَشْرَبُهَا فَتَتْرُكُنَا مُلُوكًا ** وَأُسْدًا مَا يُنَهْنِهُنَا اللّقَاءُ

عَدِمْنَا خَيْلَنَا إنْ لَمْ تَرَوْهَا ** تُثِيرُ النّقْعَ مَوْعِدُهَا كَدَاءُ

يُنَازِعْنَ الْأَعِنّةَ مُصْعِدَاتٍ ** عَلَى أَكْتَافِهَا الْأَسَلُ الظّمَاءُ

تَظَلّ جِيَادُنَا مُتَمَطّرَاتٍ ** تُلَطّمُهُنّ بِالْخُمُرِ النّسَاءُ

فَإِمّا تُعْرِضُوا عَنّا اعْتَمَرْنَا ** وَكَانَ الْفَتْحُ وَانْكَشَفَ الْغِطَاءُ

وَإِلّا فَاصْبِرُوا لِجِلَادِ يَوْمٍ ** يُعِزّ اللّهُ فِيهِ مَنْ يَشَاءُ

وجِبْرِيلٌ رَسُولُ اللّهِ فِينَا ** وَرُوحُ الْقُدْسِ لَيْسَ لَهُ كِفَاءُ

وَقَالَ اللّهُ قَدْ أَرْسَلْتُ عَبْدًا ** يَقُولُ الْحَقّ إنْ نَفَعَ الْبَلَاءُ

شَهِدْتُ بِهِ فَقُومُوا صَدّقُوهُ ** فَقُلْتُمْ لَا نَقُومُ وَلَا نَشَاءُ

وَقَالَ اللّهُ قَدْ سَيّرْت جُنْدًا ** هُمْ الْأَنْصَارُ عُرْضَتُهَا اللّقَاءُ

لَنَا فِي كُلّ يَوْمٍ مِنْ مَعَدّ ** سِبَابٌ أَوْ قِتَالٌ أَوْ هِجَاءُ

فَنُحْكِمُ بِالْقَوَافِي مَنْ هَجَانَا ** وَنَضْرِبُ حِينَ تَخْتَلِطُ الدّمَاءُ

أَلَا أَبْلِغْ أَبَا سُفْيَانَ عَنّي ** مُغَلْغَلَةً فَقَدْ بَرِحَ الْخَفَاءُ

بِأَنّ سُيُوفَنَا تَرَكَتْكَ عَبْدًا ** وَعَبْدُ الدّارِ سَادَتُهَا الْإِمَاءُ

هَجَوْتَ مُحَمّدًا فَأَجَبْتُ عَنْهُ ** وَعِنْدَ اللّهِ فِي ذَاكَ الْجَزَاءُ

أَتَهْجُوهُ وَلَسْتَ لَهُ بِكُفْءٍ ** فَشَرّكُمَا لِخَيْرِكُمَا الْفِدَاءُ

هَجَوْتَ مُبَارَكًا بَرّا حَنِيفًا ** أَمِينَ اللّهِ شِيمَتُهُ الْوَفَاءُ

أَمَنْ يَهْجُو رَسُولَ اللّهِ مِنْكُمْ ** وَيَمْدَحُهُ وَيَنْصُرُهُ سَوَاءُ

فَإِنّ أَبِي وَوَالِدَهُ وَعِرْضِي ** لِعِرْضِ مُحَمّدٍ. مِنْكُمْ وِقَاءُ

لِسَانِي صَارِمٌ لَا عَيْبَ فِيهِ ** وَبَحْرِي لَا تُكَدّرُهُ الدّلَاءُ

.فَصْلٌ فِي الْإِشَارَةِ إلَى مَا فِي الْغَزْوَةِ مِنْ الْفِقْهِ وَاللّطَائِفِ:

.مِنْ شَأْنِهِ سُبْحَانَهُ تَقْدِيمُ مُقَدّمَاتٍ بَيْنَ يَدَيْ الْأُمُورِ الْعَظِيمَةِ تَكُونُ كَالْمَدْخَلِ إلَيْهَا الْمُنَبّهَةِ لَهَا كَقِصّةِ الْمَسِيحِ وَنَسْخِ الْقِبْلَةِ وَغَيْرِهِمَا:

كَانَتْ صُلْحُ الْحُدَيْبِيَةِ مُقَدّمَةً وَتَوْطِئَةً بَيْنَ يَدَيْ هَذَا الْفَتْحِ الْعَظِيمِ أَمِنَ النّاسُ بِهِ وَكَلّمَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا وَنَاظَرَهُ فِي الْإِسْلَامِ وَتَمَكّنَ مَنْ اخْتَفَى مِنْ الْمُسْلِمِينَ بِمَكّةَ مِنْ إظْهَارِ دِينِهِ وَالدّعْوَةِ إلَيْهِ وَالْمُنَاظَرَةِ عَلَيْهِ وَدَخَلَ بِسَبَبِهِ بَشَرٌ كَثِيرٌ فِي الْإِسْلَامِ وَلِهَذَا سَمّاهُ اللّهُ فَتْحًا فِي قَوْلِهِ: {إِنّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا} [الْفَتْح: 1]، نَزَلَتْ فِي شَأْنِ الْحُدَيْبِيَةِ، فَقَالَ عُمَرُ: يَا رَسُولَ اللّهِ أَوَفَتْحٌ هُوَ؟ قَالَ نَعَمْ. وَأَعَادَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى ذِكْرَ كَوْنِهِ فَتْحًا، فَقَالَ: {لَقَدْ صَدَقَ اللّهُ رَسُولَهُ الرّؤْيَا بِالْحَقّ} إلَى قَوْلِهِ: {فَعَلِمَ مَا لَمْ تَعْلَمُوا فَجَعَلَ مِنْ دُونِ ذَلِكَ فَتْحًا قَرِيبًا} [الْفَتْحِ 27] وَهَذَا شَأْنُهُ- سُبْحَانَهُ- أَنْ يُقَدّمَ بَيْنَ يَدَيْ الْأُمُورِ الْعَظِيمَةِ مُقَدّمَاتٍ تَكُونُ كَالْمَدْخَلِ إلَيْهَا، الْمُنَبّهَةِ عَلَيْهَا، كَمَا قَدّمَ بَيْنَ يَدَيْ قِصّةِ الْمَسِيحِ وَخَلْقِهِ مِنْ غَيْرِ أَبٍ قِصّةِ زَكَرِيّا، وَخَلْقِ الْوَلَدِ لَهُ مَعَ كَوْنِهِ كَبِيرًا لَا يُولَدُ لِمِثْلِهِ وَكَمَا قَدّمَ بَيْنَ يَدَيْ نَسْخِ الْقِبْلَةِ قِصّةَ الْبَيْتِ وَبِنَائِهِ وَتَعْظِيمِهِ وَالتّنْوِيهِ بِهِ وَذِكْرِ بَانِيهِ وَتَعْظِيمِهِ وَمَدْحِهِ وَوَطّأَ قَبْلَ ذَلِك كُلّهِ بِذِكْرِ النّسْخِ وَحِكْمَتِهِ الْمُقْتَضِيَةِ لَهُ وَقُدْرَتِهِ الشّامِلَةِ لَهُ وَهَكَذَا مَا قَدّمَ بَيْنَ يَدَيْ مَبْعَثِ رَسُولِهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ مِنْ قِصّةِ الْفِيلِ وَبِشَارَاتِ الْكُهّانِ بِهِ وَغَيْرِ ذَلِك، وَكَذَلِك الرّؤْيَا الصّالِحَةُ لِرَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ كَانَتْ مُقَدّمَةً بَيْنَ يَدَيْ كَانَتْ مُقَدّمَةً بَيْنَ يَدَيْ الْأَمْرِ بِالْجِهَادِ وَمَنْ تَأَمّلَ أَسْرَارَ الشّرْعِ وَالْقَدَرِ رَأَى مِنْ ذَلِك مَا تَبْهَرُ حِكْمَتُهُ الْأَلْبَابَ.

.فَصْلٌ:

وَفِيهَا: أَنّ أَهْلَ الْعَهْدِ إذَا حَارَبُوا مَنْ هُمْ فِي ذِمّةِ الْإِمَامِ وَجِوَارِهِ وَعَهْدِهِ صَارُوا حَرْبًا لَهُ بِذَلِكَ وَلَمْ يَبْقَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَهُ عَهْدٌ فَلَهُ أَنْ يُبَيّتَهُمْ فِي دِيَارِهِمْ وَلَا يَحْتَاجُ أَنْ يُعْلِمَهُمْ عَلَى سَوَاءٍ وَإِنّمَا يَكُونُ الْإِعْلَامُ إذَا خَافَ مِنْهُمْ الْخِيَانَةَ فَإِذَا تَحَقّقَهَا، صَارُوا نَابِذِينَ لِعَهْدِهِ.

.فصل انْتِقَاضُ عَهْدِ الرّدْءِ وَالْمُبَاشِرِينَ إذَا رَضُوا بِذَلِك:

وَفِيهَا: انْتِقَاضُ عَهْدِ جَمِيعِهِمْ بِذَلِك، رِدْئِهِمْ وَمُبَاشِرِيهِمْ إذَا رَضُوا بِذَلِكَ وَأَقَرّوا عَلَيْهِ وَلَمْ يُنْكِرُوهُ فَإِنّ الّذِينَ أَعَانُوا بَنِي بَكْرٍ مِنْ قُرَيْشٍ بَعْضُهُمْ لَمْ يُقَاتِلُوا كُلّهُمْ مَعَهُمْ وَمَعَ هَذَا فَغَزَاهُمْ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ كُلّهُمْ وَهَذَا كَمَا أَنّهُمْ دَخَلُوا فِي عَقْدِ الصّلْحِ تَبَعًا، وَلَمْ يَنْفَرِدْ كُلّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ بِصُلْحٍ إذْ قَدْ رَضُوا بِهِ وَأَقَرّوا عَلَيْهِ فَكَذَلِكَ حُكْمُ نَقْضِهِمْ لِلْعَهْدِ هَذَا هَدْيُ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ الّذِي لَا شَكّ فِيهِ كَمَا تَرَى. وَطَرْدُ هَذَا جَرَيَانُ هَذَا الْحُكْمِ عَلَى نَاقِضِي الْعَهْدِ مِنْ أَهْلِ الذّمّةِ إذَا رَضِيَ جَمَاعَتُهُمْ بِهِ وَإِنْ لَمْ يُبَاشِرْ كُلّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مَا يَنْقُضُ عَهْدَهُ كَمَا أَجْلَى عُمَرُ يَهُودَ خَيْبَرٍ لَمّا عَدَا بَعْضُهُمْ عَلَى ابْنِهِ وَرَمَوْهُ مِنْ ظَهْرِ دَارٍ فَفَدَعُوا يَدَهُ بَلْ قَدْ قَتَلَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ جَمِيعَ مُقَاتِلَةِ بَنِي قُرَيْظَةَ، وَلَمْ يَسْأَلْ عَنْ كُلّ رَجُلٍ مِنْهُمْ هَلْ نَقَضَ الْعَهْدَ أَمْ لَا؟ وَكَذَلِك أَجْلَى بَنِي النّضِيرِ كُلّهُمْ وَإِنّمَا كَانَ الّذِي هَمّ بِالْقَتْلِ رَجُلَانِ وَكَذَلِك فَعَلَ بِبَنِي قَيْنُقَاعَ حَتّى اسْتَوْهَبَهُمْ مِنْهُ عَبْدُ اللّهِ بْنُ أُبَيّ، فَهَذِهِ سِيرَتُهُ وَهَدْيُهُ الّذِي لَا شَكّ فِيهِ وَقَدْ أَجَمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى أَنّ حُكْمَ الرّدْءِ حُكْمُ الْمُبَاشِرِ فِي الْجِهَادِ وَلَا يُشْتَرَطُ فِي قِسْمَةِ الْغَنِيمَةِ وَلَا فِي الثّوَابِ مُبَاشَرَةُ كُلّ وَاحِدٍ وَاحِدٍ الْقِتَالَ. وَهَذَا حُكْمُ قُطّاعِ الطّرِيقِ حُكْمُ رِدْئِهِمْ حُكْمُ مُبَاشِرِهِمْ لِأَنّ الْمُبَاشِرَ إنّمَا شَكّ فِيهِ وَهُوَ مَذْهَبُ أَحْمَدَ، وَمَالِكٍ، وَأَبِي حَنِيفَةَ، وَغَيْرِهِمْ.

.فَصْلٌ:

وَفِيهَا: جَوَازُ صُلْحِ أَهْلِ الْحَرْبِ عَلَى وَضْعِ الْقِتَالِ عَشْرَ سِنِينَ وَهَلْ يَجُوزُ فَوْقَ ذَلِك؟ الصّوَابُ أَنّهُ يَجُوزُ لِلْحَاجَةِ وَالْمَصْلَحَةِ الرّاجِحَةِ كَمَا إذَا كَانَ بِالْمُسْلِمِينَ ضَعْفٌ وَعَدُوّهُمْ أَقْوَى مِنْهُمْ وَفِي الْعَقْدِ لَمّا زَادَ عَنْ الْعَشْرِ مَصْلَحَةٌ لِلْإِسْلَامِ.

.فَصْلٌ:

وَفِيهَا: أَنّ الْإِمَامَ وَغَيْرَهُ إذَا سُئِلَ مَا لَا يَجُوزُ بَذْلُهُ أَوْ لَا يَجِبُ فَسَكَتَ عَنْ بِذَلِهِ لَمْ يَكُنْ سُكُوتُهُ بَذْلًا لَهُ فَإِنّ أَبَا سُفْيَانَ سَأَلَ رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ تَجْدِيدَ الْعَهْدِ فَسَكَتَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَلَمْ يُجِبْهُ بِشَيْءٍ وَلَمْ يَكُنْ بِهَذَا السّكُوتِ مُعَاهِدًا لَهُ.

.فصل رَسُولُ الْكُفّارِ لَا يُقْتَلُ:

وَفِيهَا: أَنّ رَسُولَ الْكُفّارِ لَا يُقْتَلُ فَإِنّ أَبَا سُفْيَانَ كَانَ مِمّنْ جَرَى عَلَيْهِ حُكْمُ انْتِقَاضِ الْعَهْدِ وَلَمْ يَقْتُلْهُ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ إذْ كَانَ رَسُولَ قَوْمِهِ إلَيْهِ.

.فَصْلٌ:

وَفِيهَا: جَوَازُ تَبْيِيتِ الْكُفّارِ وَمُغَافَضَتُهُمْ فِي دِيَارِهِمْ إذَا كَانَتْ قَدْ بَلَغَتْهُمْ الدّعْوَةُ وَقَدْ كَانَتْ سَرَايَا رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ يُبَيّتُونَ الْكُفّارَ وَيُغِيرُونَ عَلَيْهِمْ بِإِذْنِهِ بَعْدَ أَنْ بَلَغَتْهُمْ دَعْوَتُهُ.

.فصل جَوَازُ قَتْلِ الْجَاسُوسِ وَإِنْ كَانَ مُسْلِمًا:

وَفِيهَا: جَوَازُ قَتْلِ الْجَاسُوسِ وَإِنْ كَانَ مُسْلِمًا لِأَنّ عُمَرَ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ سَأَلَ رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ قَتْلَ حَاطِبِ بْنِ أَبِي بَلْتَعَةَ لَمّا بَعَثَ يُخْبِرُ أَهْلَ مَكّةَ بِالْخَبَرِ وَلَمْ يَقُلْ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ لَا يَحِلّ قَتْلُهُ إنّهُ مُسْلِمٌ بَلْ قَالَ وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلّ اللّهَ قَدْ اطّلَعَ عَلَى أَهْلِ بَدْرٍ، فَقَالَ اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ بَدْرٍ، فَقَالَ اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ فَأَجَابَ بِأَنّ فِيهِ مَانِعًا مِنْ قَتْلِهِ وَهُوَ شُهُودُهُ بَدْرًا، وَفِي الْجَوَابِ بِهَذَا كَالتّنْبِيهِ عَلَى جَوَازِ قَتْلِ جَاسُوسٍ لَيْسَ لَهُ مِثْلُ هَذَا الْمَانِعِ وَهَذَا مَذْهَبُ مَالِكٍ، وَأَحَدُ الْوَجْهَيْنِ فِي مَذْهَبِ أَحْمَدَ، وَقَالَ الشّافِعِيّ وَأَبُو حَنِيفَةَ: لَا يُقْتَلُ وَهُوَ ظَاهِرُ مَذْهَبِ أَحْمَدَ وَالْفَرِيقَانِ يَحْتَجّونَ بِقِصّةِ حَاطِبٍ وَالصّحِيحُ أَنّ قَتْلَهُ رَاجِعٌ إلَى رَأْيِ الْإِمَامِ فَإِنْ رَأَى فِي قَتْلِهِ مَصْلَحَةً لِلْمُسْلِمِينَ قَتَلَهُ وَإِنْ كَانَ اسْتِبْقَاؤُهُ أَصْلَحَ اسْتَبَقَاهُ. وَاللّهُ أَعْلَمُ.

.فصل جَوَازُ تَجْرِيدِ الْمَرْأَةِ لِلْمَصْلَحَةِ الْعَامّةِ:

وَفِيهَا: جَوَازُ تَجْرِيدِ الْمَرْأَةِ كُلّهَا وَتَكْشِيفِهَا لِلْحَاجَةِ وَالْمَصْلَحَةِ الْعَامّةِ فَإِنّ عَلِيّا وَالْمِقْدَادَ قَالَا لِلظّعِينَةِ لتُخْرِجِنّ الْكِتَابَ أَوْ لِنَكْشِفَنّك، وَإِذَا جَازَ تَجْرِيدُهَا لِحَاجَتِهَا إلَى ذَلِكَ حَيْثُ تَدْعُو إلَيْهَا، فَتَجْرِيدُهَا لِمَصْلَحَةِ الْإِسْلَامِ وَالْمُسْلِمِينَ أَوْلَى.

.فَصْلٌ:

وَفِيهَا: أَنّ الرّجُلَ إذَا نَسَبَ الْمُسْلِمَ إلَى النّفَاقِ وَالْكُفْرِ مُتَأَوّلًا وَغَضَبًا لِلّهِ وَرَسُولِهِ وَدِينِهِ لَا لِهَوَاهُ وَحَظّهِ فَإِنّهُ لَا يَكْفُرُ بِذَلِكَ بَلْ لَا يَأْثَمُ بِهِ بَلْ يُثَابُ عَلَى نِيّتِهِ وَقَصْدِهِ وَهَذَا بِخِلَافِ أَهْلِ الْأَهْوَاءِ وَالْبِدَعِ فَإِنّهُمْ يُكَفّرُونَ وَيُبَدّعُونَ لِمُخَالَفَةِ أَهْوَائِهِمْ وَنِحَلِهِمْ وَهُمْ أَوْلَى بِذَلِكَ مِمّنْ كَفّرُوهُ وَبَدّعُوهُ.

.فَصْلٌ: الْكَبِيرَةُ الْعَظِيمَةُ مِمّا دُونَ الشّرْكِ قَدْ تُكَفّرُ بِالْحَسَنَةِ الْكَبِيرَةِ الْمَاحِيَةٌِ:

وَفِيهَا: أَنّ الْكَبِيرَةَ الْعَظِيمَةَ مِمّا دُونَ الشّرْكِ قَدْ تُكَفّرُ بِالْحَسَنَةِ الْكَبِيرَةِ الْمَاحِيَةِ كَمَا وَقَعَ الْجَسّ مِنْ حَاطِبٍ مُكَفّرًا بِشُهُودِهِ بَدْرًا، فَإِنّ مَا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ هَذِهِ الْحَسَنَةُ الْعَظِيمَةُ مِنْ الْمَصْلَحَةِ وَتَضَمّنَتْهُ مِنْ مَحَبّةِ اللّهِ لَهَا وَرِضَاهُ بِهَا، وَفَرَحِهِ بِهَا، وَمُبَاهَاتِهِ لِلْمَلَائِكَةِ بِفَاعِلِهَا، أَعْظَمُ مِمّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ سَيّئَةُ الْجَسّ مِنْ الْمَفْسَدَةِ وَتَضَمّنَتْهُ مِنْ بُغْضِ اللّهِ لَهَا، فَغُلّبَ الْأَقْوَى عَلَى الْأَضْعَفِ فَأَزَالَهُ وَأَبْطَلَ مُقْتَضَاهُ وَهَذِهِ حِكْمَةُ اللّهِ فِي الصّحّةِ وَالْمَرَضِ النّاشِئَيْنِ مِنْ الْحَسَنَاتِ وَالسّيّئَاتِ الْمُوجِبَيْنِ لِصِحّةِ الْقَلْبِ وَمَرَضِهِ وَهِيَ نَظِيرُ حِكْمَتِهِ تَعَالَى فِي الصّحّةِ وَالْمَرَضِ اللّاحِقَيْنِ لِلْبَدَنِ فَإِنّ الْأَقْوَى مِنْهُمَا يَقْهَرُ الْمَغْلُوبَ وَيَصِيرُ الْحُكْمُ لَهُ حَتّى يَذْهَبَ أَثَرُ الْأَضْعَفِ فَهَذِهِ حِكْمَتُهُ فِي خَلْقِهِ وَقَضَائِهِ وَتِلْكَ حِكْمَتُهُ فِي شِرْعِهِ وَأَمْرِهِ. وَهَذَا كَمَا أَنّهُ ثَابِتٌ فِي مَحْوِ السّيّئَاتِ بِالْحَسَنَاتِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السّيّئَاتِ} [هُودٍ: 14]، وَقَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفّرْ عَنْكُمْ سَيّئَاتِكُمْ} [النّسَاءِ 3ُ1]، وَقَوْلِهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَأَتْبِعْ السّيّئَةَ الْحَسَنَةَ تَمْحُهَا فَهُوَ ثَابِتٌ فِي عَكْسِهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {يَا أَيّهَا الّذِينَ آمَنُوا لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنّ وَالْأَذَى} [الْبَقَرَةِ 264]، وَقَوْلِهِ: {يَا أَيّهَا الّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النّبِيّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ} [الْحُجُرَاتِ 2]. وَقَوْلِ عَائِشَةَ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ أَنّهُ لَمّا بَاعَ بِالْعِينَةِ إنّهُ قَدْ أَبْطَلَ جِهَادَهُ مَعَ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ إلّا أَنْ يَتُوب وَكَقَوْلِهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فِي الْحَدِيثِ الّذِي رَوَاهُ الْبُخَارِيّ فِي صَحِيحِهِ مَنْ تَرَكَ صَلَاةَ الْعَصْرِ حَبِطَ عَمَلُه إلَى غَيْرِ ذَلِك مِنْ النّصُوصِ وَالْآثَارِ الدّالّةِ عَلَى تَدَافُعِ الْحَسَنَاتِ وَالسّيّئَاتِ وَإِبْطَالِ بَعْضِهَا بَعْضًا، وَذَهَابِ أَثَرِ الْقَوِيّ مِنْهَا بِمَا دُونَهُ وَعَلَى هَذَا مَبْنَى الْمُوَازَنَةِ وَالْإِحْبَاطِ. وَبِالْجُمْلَةِ فَقُوّةُ الْإِحْسَانِ وَمَرَضُ الْعِصْيَانِ مُتَصَاوِلَانِ وَمُتَحَارِبَانِ وَلِهَذَا الْمَرَضِ مَعَ هَذِهِ الْقُوّةِ حَالَةُ تَزَايُدٍ وَتَرَامٍ إلَى الْهَلَاكِ وَحَالَةُ انْحِطَاطٍ وَتَنَاقُصٍ وَهِيَ خَيْرُ حَالَاتِ الْمَرِيضِ وَحَالَةُ وُقُوفٍ وَتَقَابُلٍ إلَى أَنْ يَقْهَرَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ وَإِذَا دَخَلَ وَقْتُ الْبُحْرَانِ وَهُوَ سَاعَةُ الْمُنَاجَزَةِ فَحَظّ الْقَلْبِ أَحَدُ الْخُطّتَيْنِ إمّا السّلَامَةُ وَإِمّا الْعَطَبُ وَهَذَا الْبُحْرَانُ يَكُونُ وَقْتَ فِعْلِ الْوَاجِبَاتِ الّتِي تُوجِبُ رِضَى الرّبّ تَعَالَى وَمَغْفِرَتَهُ أَوْ تُوجِبُ سُخْطَهُ وَعُقُوبَتَهُ وَفِي الدّعَاءِ النّبَوِيّ أَسْأَلُكَ مُوجِبَاتِ رَحْمَتِك وَقَالَ عَنْ طَلْحَةَ يَوْمئِذٍ أَوْجَبَ طَلْحَةُ وَرُفِعَ إلَى النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ رَجُلٌ وَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللّهِ إنّهُ قَدْ أَوَجَبَ فَقَالَ أَعْتِقُوا عَنْه وَفِي الْحَدِيثِ الصّحِيحِ أَتَدْرُونَ مَا الْمُوجِبَتَانِ؟ قَالُوا: اللّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَالَ مَنْ مَاتَ لَا يُشْرِكُ بِاَللّهِ شَيْئًا دَخَلَ الْجَنّةَ، وَمَنْ مَاتَ يُشْرِكُ بِاَللّهِ شَيْئًا دَخَلَ النّارَ الْمُنَجّي قَطْعًا. وَكَمَا أَنّ الْبَدَنَ قَدْ تَعْرِضُ لَهُ أَسْبَابٌ رَدِيئَةٌ لَازِمَةٌ تُوهِنُ قُوّتَهُ وَتُضْعِفُهَا، فَلَا يَنْتَفِعُ مَعَهَا بِالْأَسْبَابِ الصّالِحَةِ وَالْأَغْذِيَةِ النّافِعَةِ بَلْ تُحِيلُهَا تِلْكَ الْمَوَادّ الْفَاسِدَةُ إلَى طَبْعِهَا وَقُوّتِهَا، فَلَا يَزْدَادُ بِهَا إلّا مَرَضًا، وَقَدْ تَقُومُ بِهِ مَوَادّ صَالِحَةٌ وَأَسْبَابٌ مُوَافِقَةٌ تُوجِبُ قُوّتَهُ وَتُمَكّنُهُ مِنْ الصّحّةِ وَأَسْبَابِهَا، فَلَا تَكَادُ تَضُرّهُ الْأَسْبَابُ الْفَاسِدَةُ بَلْ تُحِيلُهَا تِلْكَ الْمَوَادّ الْفَاضِلَةُ إلَى طَبْعِهَا، فَهَكَذَا مَوَادّ صِحّةِ الْقَلْبِ وَفَسَادِهِ.

.قُوّةُ إيمَانِ حَاطِبٍ فِي شُهُودِ بَدْرٍ مَحَتْ مَا صَنَع:

فَتَأَمّلْ قُوّةَ إيمَانِ حَاطِبٍ الّتِي حَمَلَتْهُ عَلَى شُهُودِ بَدْرٍ، وَبَذْلِهِ نَفْسَهُ مَعَ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَإِيثَارِهِ اللّهَ وَرَسُولَهُ عَلَى قَوْمِهِ وَعَشِيرَتِهِ وَقَرَابَتِهِ وَهُمْ بَيْنَ ظَهْرَانَيْ الْعَدُوّ وَفِي بَلَدِهِمْ وَلَمْ يَثْنِ ذَلِكَ عِنَانَ عَزْمِهِ وَلَا فَلّ مِنْ حَدّ إيمَانِهِ وَمُوَاجَهَتِهِ لِلْقِتَالِ لِمَنْ أَهْلُهُ وَعَشِيرَتُهُ وَأَقَارِبُهُ عِنْدَهُمْ فَلَمّا جَاءَ مَرَضُ الْجَسّ بَرَزَتْ إلَيْهِ هَذِهِ الْقُوّةُ وَكَانَ الْبُحْرَانُ صَالِحًا فَانْدَفَعَ الْمَرَضُ وَقَامَ الْمَرِيضُ كَأَنْ لَمْ يَكُنْ بِهِ قَلَبَةٌ وَلَمّا رَأَى الطّبِيبُ قُوّةَ إيمَانِهِ قَدْ اسْتَعْلَتْ عَلَى مَرَضِ جَسّهِ وَقَهَرَتْهُ قَالَ لِمَنْ أَرَادَ فَصْدَهُ لَا يَحْتَاجُ هَذَا الْعَارِضُ إلَى فِصَادٍ وَمَا يُدْريِكَ لَعَلّ اللّهَ اطّلَعَ عَلَى أَهْلِ بَدْرٍ، فَقَالَ اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ، فَقَدْ غَفَرْتُ لَكُمْ وَعَكَسَ هَذَا ذُو الْخُوَيْصِرَةِ التّمِيمِيّ وَأَضْرَابُهُ مِنْ الْخَوَارِجِ الّذِينَ بَلَغَ اجْتِهَادُهُمْ فِي الصّلَاةِ وَالصّيَامِ وَالْقِرَاءَةِ إلَى حَدّ يَحْقِرُ أَحَدُ الصّحَابَةِ عَمَلَهُ مَعَهُ كَيْفَ قَالَ فِيهِمْ لَئِنْ أَدْرَكْتُهُمْ لَأَقْتُلَنهُمْ قَتْلَ عَادٍ وَقَالَ اُقْتُلُوهُمْ فَإِنّ فِي قَتْلِهِمْ أَجْرًا عِنْدَ اللّهِ لِمَنْ قَتَلَهُمْ. وَقَالَ شَرّ قَتْلَى تَحْتَ أَدِيمِ السّمَاءِ فَلَمْ يَنْتَفِعُوا بِتِلْكَ الْأَعْمَالِ الْعَظِيمَةِ مَعَ تِلْكَ الْمَوَادّ الْفَاسِدَةِ الْمُهْلِكَةِ وَاسْتَحَالَتْ فَاسِدَةً. حَالِ إبْلِيسَ لَمّا كَانَتْ الْمَادّةُ الْمُهْلِكَةُ كَامِنَةً فِي نَفْسِهِ لَمْ يَنْتَفِعْ مَعَهَا بِمَا سَلَفَ مِنْ طَاعَاتِهِ وَرَجَعَ إلَى شَاكِلَتِهِ وَمَا هُوَ أَوْلَى بِهِ وَكَذَلِكَ الّذِي آتَاهُ اللّهُ آيَاتِهِ فَانْسَلَخَ مِنْهَا، فَأَتْبَعَهُ الشّيْطَانُ فَكَانَ مِنْ الْغَاوِينَ وَأَضْرَابُهُ وَأَشْكَالُهُ فَالْمُعَوّلُ عَلَى السّرَائِرِ وَالْمَقَاصِدِ وَالنّيّاتِ وَالْهِمَمِ فَهِيَ الْإِكْسِيرُ الّذِي يَقْلِبُ نُحَاسَ الْأَعْمَالِ ذَهَبًا، أَوْ يَرُدّهَا خَبَثًا، وَبِاَللّهِ التّوْفِيقُ. وَمَنْ لَهُ لُبّ وَعَقْلٌ يَعْلَمُ قَدْرَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَشِدّةَ حَاجَتِهِ إلَيْهَا، وَانْتِفَاعَهُ بِهَا، وَيَطّلِعُ مِنْهَا عَلَى بَابٍ عَظِيمٍ مِنْ أَبْوَابِ مَعْرِفَةِ اللّهِ سُبْحَانَهُ وَحِكْمَتِهِ فِي خَلْقِهِ وَأَمْرِهِ وَثَوَابِهِ وَعِقَابِهِ وَأَحْكَامِ الْمُوَازَنَةِ وَإِيصَالِ اللّذّةِ وَالْأَلَمِ إلَى الرّوحِ وَالْبَدَنِ فِي الْمَعَاشِ وَالْمَعَادِ وَتَفَاوُتُ الْمَرَاتِبِ فِي ذَلِكَ بِأَسْبَابٍ مُقْتَضِيَةٍ بَالِغَةٍ مِمّنْ هُوَ قَائِمٌ عَلَى كُلّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ.